ــــ فوزي بن ميلاد. ـــــــــ
يالعنب ويالعنب …
القصة قديمة والأغنية أيضا قديمة،أغنية من الأغاني التي كان يرددها الأطفال في ليبيا قديما .. بداية القصة غير معروفة ولكن أبيات الأغنية تلقي ظلالا على القصة القديمة المجهولة .. أغنية الأطفال تقول في نصها الأصلي:-
( يالعنب ويالعنب الله يبارك في الدالية .. سفرة وفناجين ذهب رفعوهم لايطاليا ..فطومة طلعت في رداء .. وراجلها في السانية ) !!
هذه الفقرة من الأغنية لا تكاد تتخلل ظلام القصة القديمة لتوضحها بحيث لا يمكن لنا أن نستنتج منها التفاصيل .. يأتي الشاعر الراحل احمد الحريري ليعيد صياغة كلمات هذه الأغنية .. يطورها ويحكي بها قصة جميلة .. قصة ثلاث فتيات وذكرياتهم مع دالية العنب .. حيث يضيف لها لمسات فنية رقيقة وعبارات شفافة لتصبح أغنية عن شجرة العنب ( الدالية ) وبالحانة العذبة المبتكرة أعطاها الفنان الراحل عبد الباسط البدري حلة جديدة مفصلة على أصوات الثلاثي المرح .. لتصبح على النحو التالي:-
يالعنب ويالعنب الله يبارك على الدالية .. منين طلوا ثريات ذهب عناقيدك ياعالية
من جد لجد ورثناك وضقنا فيك عنب بنين .. وفي الصغر لعبنا بحداك وفي ظلك قيلنا سنين
من جهر الشمس حميتينا وفي ليالي الصيف جمعتينا … صحة وسعادة عطتينا وبعناقيدك مالية
لو يرجع ماضينا معاك نعودوا كيف ماكنا صغار .. أيام تمتعنا ببهاك وبنينا في الظل ديار .
لكن ياخسارة اللي فات يوم بعد يوم ذكريات .. مازال البركة يازينة وبعناقيدك عالية.
توضح لنا قصة هذه الأغنية مدى حرفية الشاعر ومدى تشبعه من التراث واهتمامه بصوغ كلمات جميلة متجانسة وكيف حول أبيات قديمة مبهمة منسية في ذلك الوقت إلى تحفة فنية خالدة في تاريخ الأغاني الليبية .. هذا هو الفارق بين جيل العمالقة وجيل التوك توك !!!