آخر العناوين
ذاكرة الفنون

الشيخ محمد قنيص

     اسمه الكامل محمد أبوبكر أحمد تومية، ولد في طرابلس شارع الزاوية سنة 1916 في أسرة متواضعة تتكون من خمسة أفراد كان والده الشيخ أبوبكر تومية إمام جامع أبو غرارة العتيق (جامع مولاي محمد الآن) وشيخ زاوية أبو غرارة العيساوية في ذلك الوقت، كان الوالد يشتغل (النول) وينسج الأردية، ومنه تعلم شيخنا هده الحرفة، التحق بمدرسة شارع الزاوية للتعليم الابتدائي.

كما أنه كان يذهب إلى محل والده الكائن بمنطقة «المنصورة» وعمره ثلاثة أعوام ليتعلم، فكان يجلس أمام النول يراقب والده باهتمام وهو ينسج الأردية فكانت نظراته تقنص طريقة الصناعة ومن هنا أطلق عليه أحد أصدقاء والده هذه الكنية (قنيص) التي التصقت به ، وبما أن والد الشيخ قنيص كان شيخ الزاوية في الجامع كان الشيخ اقنيص يتردد على الزاوية بصفة دائمة ويحضر جلسات الذكر وتعلم فن المالوف الذي أسهمت الزوايا الصوفية في المحافظة على نشره.

تعلم الشيخ هذا الفن على يد الشيخ محمد أبو ريانة الذي لازمه وكان صديقه على الرغم من فارق

السن بينهما، أُخذ الشيخ اقنيص أسيرًا إبان الحرب العالمية الثانية وقضى في الأسر ثلاث سنوات ونصف السنة.

  بعد عودته من الأسر كون أول فرقة متخصصة لتعليم الشباب فن المالوف، وفي سنة 1950 كان الشيخ اقنيص أول من أدخل فن المالوف للإذاعة الليبية وقاموا بتكليفه هو وبعض المشايخ بحفظ هذا التراث، وتدوينه وهو ما قام الفنان محمد مرشان بتدوينه في كتابه «الموسيقى قواعد وتراث» ومنها نوبة جمر الهوى المحفوظة في أرشيف الإذاعة الليبية.

   انتقل المالوف من الزوايا الى الإذاعة بالطريقة التقليدية وعند افتتاح الإذاعة الليبية سنة 1957 أشرف على برنامج خاص بالفنون والموشحات . تم أنشاء أول مجموعة صوتية بالإذاعة الليبية بطرابلس من قبل الفنان محمد مرشان سنة 1963، وأشرف على تدريبها المشايخ محمد أبوريانة وعلي منكوسة ومحمد قنيص .ثم استلمها الفنان حسن عريبي وأكمل بها المشوار .

   التحق الشيخ محمد قنيص بوزارة المعارف سنة 1958 وانضم الى العمل المدرسي سنة 1967 لتدريب الطلبة على فن المالوف والموشحات ، سنة 1977 قام بتدريب الفرقة العربية وعمل بمعهد الموسيقى .تعامل مع الفنان الدكتور صالح المهدي .

تميز بذاكرة موسيقية هائلة وقدرة فائقة في الإيقاع والوزن ، ألف العديد من الحان نوبات المالوف والموشحات وحفظ الكثير من نوبات المالوف القصائد والأناشيد الدينية والتربوية والوطنية التي خلفها الشيخ جمال الدين الميلادي وعدد كبير من الأدوار والموشحات والطقاطيق الشرقية والمصرية وحافظ على أصالة فن المالوف واهتمامه بأغاني الفنان بشير فهمي

وكان من ضمن الفرقة الشيخ محمد اقنيص ونوري كمال وسلام قدري ومفتاح علي وغيرهم ثم أُسست فرقة مالوف وأدت بعض النوبات، ولم تستمر أعمال هذه الفرقة، بسبب قيام الإذاعة بتأسيس فرقة الإذاعة للمالوف والموشحات وتولى قيادتها الأستاذ حسن عريبي، وكان ذلك سنة 1964 وكان مدربو الفرقة الشيخ محمد أبو ريانة والشيخ محمد اقنيص والشيخ علي منكوسة في جانب المالوف.

وتم تسجيل النوبات وانتشرت بين الأوساط هذا مع استمرار ركن اقنيص للمالوف التقليدي، ومع صدور قرار من الوزير خليفة التليسي سنة 1964 بشأن تكوين لجنة المحافظة على التراث الأندلسي سجلت ما يقرب من 250 نوبة وهي ما زالت محفوظة بقسم الإذاعة، فكانت له يد طولى في المحافظة على كثير من النصوص النغمية.

كما قام بتدريب فرقة الإذاعة سنة 1956، وعندما تم تأسيس النوادي الثقافية للرياضة والفنون كان مدربًا للفن لنادي الاتحاد بشارع الزاوية، كما أنه يعتبر أول من أنشأ مجموعة صوتية متخصصة في فن المالوف داخل الإذاعة ولحن لها كثيرًا من الموشحات.

والتحق بالسلك الوظيفي كموظف في قسم النشاط المدرسي في وزارة التربية والتعليم سنة 1958، وكان يدرب الطلبة على المالوف والموشحات في كل المدارس الابتدائية والإعدادية في مدينة طرابلس، في هذه الفترة أيضًا عمل كمدرب «للفرقة العربية» بشارع السيدي، واستمر في هذه الوظيفة حتى سنة 1977.

كما عمل الشيخ اقنيص كمتعاون مع معهد جمال الدين الميلادي للموسيقى والمسرح، تتلمذ على يديه كثير من الشخصيات والأسماء التي برز نجمها في عالم الفن والمالوف أمثال الفنان حسن عريبي ومصطفى أبو جراد ومحمد أبو جراد ومحمد خرم.

    شارك في انتشار فن المالوف في داخل وخارج ليبيا ومثَّل البلد كمادح حينًا ومحاضر في أحيان أخرى، ومن بين المهرجانات الدولية التي شارك فيها كانت في تونس والمغرب والجزائر السودان واليمن والعراق والكويت ومصر وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا.

  حاز كثير من الجوائز التكريمية، كان من أهمها وسام الريادة وجائزة الدولة التقديرية للفنون والآداب، أسس كثيرًا من فرق المالوف والموشحات، منها فرقة «الشروق» وفرقة «الزاوية الغربية» وفرقة «معهد جمال الدين الميلادي» و«فرقة اقنيص».

  كان محل تقدير كبار الموسيقيين في الوطن العربي، فالتقى وتعاون مع الموسيقار الدكتور صالح المهدي، والموسيقار الفنان عطية شرارة، وأحمد الحفناوي وعبدالفتاح منسي، ونظرًا لسمعته الفنية سعى الفنان القدير صباح فخري لزيارته في بيته الكائن بشارع الزاوية في صيف 1989، كما تمت تسمية الدورة الخامسة لمهرجان طرابلس للمالوف والموشحات باسم الشيخ اقنيص تكريمًا لجهوده في فن المالوف، وكانت تحت اسم دورة الشيخ محمد تومية – اقنيص والتي كانت في أغسطس 2006.

تعتبر «دمعي جري عن صحن خدي كالمطر» و«الحادي صح» و«يا محمد» و«ظبي سباني» و «يا أهل الحمى» و «قد هاجت أشواقي» من أشهر موشحاته.

توفي  فجر الأحد الموافق 26 أبريل 2000    وشيع جثمانه من جامع مولاي محمد بشارع الزاوية إلى مقبرة سيدي منيذر في ميزران سيرًا على الأقدام كانت جنازة مهيبة شهدتها العاصمة طرابلس فقد تجمع آلاف من محبيه وتلاميذه وأصدقائه  لتوديع علم من أعلام المالوف الطرابلسي.

 

 

فنون طرابلس

فنون طرابلس

About Author

صحيفة فنية تهتم بأنواع الفنون السبعة

0 0 أصوات
تقييم المقال

اترك رد

0 تعليقات
ردود مضمنة
عرض كل التعليقات

قد يعجبك أيضا

ذاكرة الفنون

الفنان بشير فهمي فحيمة

There are many variations of passages of Lorem Ipsum available but the majority have suffered alteration in that some injected
ذاكرة الفنون

الصيد علي العباني

   بدأت حياته الفنية بالفرقة الوطنية للفـــــنون الشعبية منذ تكوينها عام 1963 م وبذلــــك أعتبر من الرعيل الأول بهذه الفرقـــــــــــة
0
للتعليق على المقال.x
()
x