آخر العناوين
مقالات

الشعب والأدباء

مقالة لرئيس التحرير .. فوزي بن ميلاد

ما الذي يميز الأدب عن بقية الفنون ؟

كثيراً ما طرق هذا السؤال ذهني فأعلل السؤال بأجوبة مختلفة وأعتقد أن أصحها أن الأدب قوة تعبير مميزة عن بقية الوسائل ومرجع ذلك أن اللغة كانت من ابرز ما توصل اليه الإنسان في مساره الطويل وباللغة الشفوية استطاع أن يؤلف الجماعة والمدن والدولة .

وهكذا ظلت اللغة هي الوسيلة الأكثر التصاقا بالحياة للتعبير عن أشياء وأراء وإرادات المجتمع وبظهور الكتابة بأنواعها اطل الأدب كوسيلة يمكن أن تظل حية وموصولة مع المستقبل.

ومن هنا ازدادت أهمية التعبير عن الأشياء والأماني وتركها للمستقبل أي للناس الذين سيأتون ويقرؤون ويعرفون ما مضى ومن مضى قبلهم .

ولهذا فمن الصحة بمكان القول ان في البدء كانت الكلمة لأنها منبثقة عن مطلب إرادي للفرد أو الجماعة وبطبيعة هذه المهام التعبيرية للحاضر والمستقبل ازداد رفعة لان الشعوب أرادت منه تعبيرا صادقا عن أمانيها التي لم تتحقق فأطل الأدب هذه المرة على السياسة وظلم السلطان وعدله.

فارتفاع الأدب يتعلق جذريا بمستوى الشعوب حين تدرك أهمية الأدب وقبل ذلك المنتج للأدب بجميع أبوابه وأشكاله.

ومع أن للأمة العربية ماضيا مشرقا وشرفا بكثرة الشعراء والأدباء فأن نوعا من اللعنة ظلت تلاحق الأكثر جرأة وصراحة منهم فالذين شنقوا واحرقوا بتهمة الزندقة هم الكتاب والشعراء الأكثر رؤية للأشياء بما فيها الفساد حين يستشرى وحين يكون الأديب مسؤولا مسؤولية اجتماعية عامة عن التصدي له وهو بالتالي لا يزال عرضة للأذى من السلطة التي تهيمن بعدالة على المجتمع الذي تقف على راسه .. ويقف هو بوجهها.

أقول دائما ان سبب تقدم الأدب الغربي لا يرجع إلى موهبة الأديب نفسه بل لتلك الحماية الشعبية للأديب ودرء الاضطهاد بأنواعه عنه وفي مقدمة هذه الحماية أن كثرة القراء قد كفلت للأديب عندهم حياة معاشية مريحة على ضوء ما تدره عليه مؤلفاته ومقالاته وبذلك يكون المجتمع المتطور قد انقذ الأديب من التطلع الى عطايا السلطة والخضوع لأهدافها مهما كانت منحرفة أو مسرفة ومع هذه الضمانة الشعبية للأديب في الغرب صعد الأدب عاليا وجريئا وممثلا حقيقيا للشعب وللأسف أن مرحلة العطاء الأدبي من قبل الأديب مازالت مستمرة دون مقابل من القراء أو بمقابل شحيح لا يكاد يغني من جوع في بلادنا .

فخير ما يقدمه شعب من الشعوب لأديب من أدباءه الأقبال على اقتناء أعماله وبذلك فقط تجعل منه أنسانا رائدا مرفوع الراس وممثلا صادقا له.

فوزي بن ميلاد

فوزي بن ميلاد

About Author

0 0 أصوات
تقييم المقال

اترك رد

0 تعليقات
ردود مضمنة
عرض كل التعليقات

قد يعجبك أيضا

مقالات

المجون في كره الفنون

 التنوع أساس الحياة والله خلق البشر أشكال والوان كما باقي المخلوقات من جماد ونبات وحيوان والناس أذواق  هذا لاشك فيه ،
مقالات

الشنار .. يا عمي أوسكار.

في هذه المقالة أو التدوينة أو ( التخربيشة ) سمها ما شئت، سأتحدث عن ( الأوسكار) وهي جائزة من عدة
0
للتعليق على المقال.x
()
x