توجد أدوات خاصة لطبخ الشاي بالطريقة الليبية ومجموع هذه الأدوات مع بعضها يكون ما يعرف عند العامية بعالة الشاهي وهذه الأداة (العالة) يتميز بها الليبيون عن غيرهم من سكان الشمال الإفريقي وعند إعداد الشاي لابد أن تكون كل هذه الأدوات موجودة وترتيبها كالاتي :
1 – النار: وكانت قديماً في بداية انتشار الشاي تحضر من الفحم في (منقل) أو كانون خاص من الطين أما الآن فهي عبارة عن أسطوانة صغيرة من الحديد الصلب تحوي سائل الغاز الطبيعي وتسمى (بريمس).
2 – سفرة صغيرة / بها السكر والشاي وكمية من الأعشاب العطرية مثل النعناع والزعتر كل منهم في إناء مقفل خاص به يسمى (سكرية) بالإضافة إلى علبة كبريت وقد انقرضت الآن وحلت محلها الولاعة (القداحة) مع إبريق كبير من الماء يسمى (سخان).
3 – سفرة كبيرة / بها إبريقين أحدهما كبير والأخر صغير مع مجموعة أكواب صغيرة من الزجاج تسمى (طاسات) وصفاي لتصفية الشاي وإناء أخر يشبه البراد ولكنه بدون غطاء لعمل الرغوة ولتبريد الشاي الساخن يسمى (لقامة) كل هذه الأدوات موضوعة في سفرة من المعدن ثم توضع فوق سفرة أخرى من الخشب مرتفعة قليلاً عن سطح الأرض ومغطاة بمفرش.
4 – سُفرة تقديم الأكواب والحلويات / وتختلف أحجامها حسب المناسبات، تحتوي على سلتين بهما بعض الكعك والخبز وكانت قديما الزميتة والبسيسة تقدم مع الشاي، حيث تُملاء أكواب الشاي (الطاسات) في هذه السفرة تم تمرر على الحضور وأحداً بعد الأخر وفي السنوات الأخيرة أصبحت تغطى كل السفر المستعملة بمفارش متشابهة في النوع والشكل وتختلف في الحجم حسب حجم السفرة وتسمى مفارش عالة الشاي.
5 – إناء من المعدن أو البلاستيك دائري مفتوح به عمق يوضع فيه الماء لغسل الأكواب وفي المدة الأخيرة أستبدل بالستيل والزجاج يسمى (محبس العالة).
ملاحظة :
كل هذه الأدوات ما عد الأكواب مصنوعة من معدن الستيل وتستورد من الخارج وتباع في الدكاكين والأسواق في الوقت الحاضر.
تحضير الشاهي على الطريقة الليبية :
وفي الوقت الحاضر يعتبر الشاي من المشروبات المنتشرة بكثرة في المجتمع الليبي ويقدم للضيوف في المناسبات ويستخدم كمشروب يومي للأسرة ويستعمل كذلك في أغلب الدوائر الحكومية والمقاهي والفنادق وتختلف طريقة إعداده في المنزل عن الأماكن الأخرى ومن تقاليد إعداده في البيوت إنه يطبخ ثلاث مرات في اليوم على الأقل وتعد حلقاته من المناسبات الهامة لتبادل الحديث والتي لا يمكن التفريط في عقدها وخاصة بعد الإفطار والغذاء والعشاء وعند مجئ الضيف وأحياناً أكثر حسب الظروف وبعد طبخه يقدم ثلاث مرات في الجلسة الواحدة والثالثة عادة ما تكون بالكاكاوية أو اللوز وتستغرق عملية طبخه حوالى ساعة ونصف الساعة ويدور خلال طبخه الحديث عن كل شيء يخطر على البال (من البنات المؤهلات للزواج حتى السوق المالية).
وفي بعض الأحيان يبدأ طبخه في الصباح ويستمر الى أخر الليل ويتم طبخه على جمر موضوع في موقد يسمى (المنقل) أو موقد فخاري يسمى (كانون) مصنوع من الطين ذو لون أحمر ويضم نار الفحم الخشبي يسمى (بياض) وسمى هكذا مع إنه لونه أسود لأنه الناس يتشأمون من السواد .
ويتم طبخ الشاي في ابريق يسمى برّاد في اللسان الدّارج أما في الفصحى فيعنى اناء يبرد فيه الماء ويسمى البرادة أيضاً مع ملاحظة أن لفظ الشاي لا وجود له في لغة العرب القديمة لا نهم كانوا لا يعرفونها.
طريقة أعداد الشاي :
يمسك البراد ويعبأ بالماء حتى منتصفه ويضع فوق النار الى أن يغلي الماء تم يضع فوق الماء المغلي عشبة الحشيشة وتسمى (حشيشة) ويوجد منها نوعان الحمراء والخضراء (من ناحية اللون) وبالنسبة للنوعية منها الدقيقة والغليظة بعد الغلي يصفى بالصفاي (وهو أداة من المعدن بها ثقوب توضع على البراد تسمح بمرور الشاي وتعلق بها البقايا المعروفة بالحشيشة) الى براد آخر أصغر حجماً من الأول يسمى براد السكر ويضاف السكر ويدع الخليط يغلي مراراً ثم يمر بعملية تبريد بنقله بين براد السكر وإناء أخر يسمى اللقامة وتسمى هذه العملية (تخديم الشاي) ثم يوزع في أكواب صغيرة تسمى الواحدة منها طاسة الشاي – وفي اللغة (طاس) وليس طاسه ويعنى اناء من نحاس يشرب فيه وجمعها طاسات وتوضع على طبق يسمى صفرة ثم يوزع على الحاضرين مع بعض البسيسة أو الزميطة والآن الكعك محل هاتين الأكلتين ويوضع السكر في صفيحة وتخصص أخرى للشاي وتوضعان في سفرة واحدة. ويباع الشاي والسكر في الدكاكين وهي أمكان أخرى لحضور الميعاد (أو اجتماعات الشاهي) بالنسبة للرجال أو في السوق اليومية والأسبوعية.
اجتماعات عالة الشاهي اليومية الخاصة بالنساء المعروفة بالميعاد : (ميعاد النساوين):
من الاشياء المتعارف عليها بين النساء في المجتمع الليبي الاجتماع اليومي على (عالة الشاهي) الذي يسمى بالميعاد ثلاثة مرات في اليوم أحدهما في الصباح عند الإفطار والأخرى في المساء بعد الغداء ويكون هذا الاجتماع بالتناوب بين نساء الزنقة أي كل يوم يتم عند واحدة منهن . وأما المرة الثالثة ينفردن بها مع أزواجهن بعد العشاء في البيت .
أماكن ميعاد الشاهي :
في كل مساء يذهب الرجال الى ميعاد الشاي في الدكاكين ويجلسون على ركابات وتوجد هذه الركابات عادة في الشوارع أو أمام البيوت أو أمام الدكاكين والركابه مكان مرتفع للجلوس يشبه مجموعة مقاعد مصفوفة حذو بعضها البعض لجلوس عدد من الناس وتبنى الركابه من الحجر أو الطوب وتوجد أمام المتاجر و في الأسواق وأمام البيوت القديمة يجلسون عليها الناس لقضاء وقت فراغهم لمناقشة بعض الأمور التي تهمهم وأحياناً يجلس المتجمعون في الدكان على هيئة دائرة على الأرض وبعد اللقاء يتم السلام والمصافحة بالأيدي وأثناء هذه المصافحة تكرر عملية السلام عدة مرات وتستمر أحياناً حتى بعد الجلوس في حلقة الميعاد تم تحضر العالة ويبدأ إعداد الشاي، وفي بعض الأحيان وخاصة في ليالي الشتاء المطيرة يتحلق السامرون حول سفرة الشاي في (المربوعة)، أما في الصيف يتجاذبون أطراف الحديث تحت ظلال الزيتون في الغابة بعد انحسار القيظ حيث يتحدثون عن طفولتهم وحوادثها القديمة أو تراهم يذكرون الاعمار والسنين ومتى ولد فلان أو فلانه. وفي هذه الجلسات يتم تحقيق تواريخ الوقائع التي يذكرونها بنسبها إلى أحداث جسام، بعض منها قد يكون كوارث طبيعية – حروب – سقوط الحكام أو مجاعات، مثل عام السبول أو قّرت الهزهازي وكذلك عام الطليان وعام الانجليز، وهذا ما فعله قبلهم الفراعنة والإغريق والرومان.
ولقد كانت جلسات الشاي مهمة بالنسبة للرجال لأنه من خلالها تعقد الصفقات وعمليات البيع والشراء والمقايضة بين الحاضرين .
الشاي بالأوقية في دكان القرية .. دكاكين القرية وميعاد الرجال :
يختلف دكان الوقت الحاضر عن دكان فترة الستينات الذي كان يتميز بوجود طاولة قصيرة عند الدخول معيقة للمدخل وضعت فوقها أوعيه زجاجيه كبيرة بها الشاي والقهوة والسكر الذي كان يوجد في ذلك الوقت على هيئة قبابيع – أقراص يسمى سكر القالب يستورد من النمسا ويلف في ورق غليظ أزرق مثل الورق الذي كان يلف فيه اللحم ويسمى واحدها رأس سكر، أما الشاي يستورد من ألمانيا في صناديق خشبية مغلفة من الداخل بمادة من السلفر القوي وعند الشراء يزن بالميزان حسب الكمية المطلوبة ويضع في قطع من الورق المقوي تسمى (قرطاس) وكان يباع إلى جانب السكر والشاي عود الثقاب في علب صغيرة من الورق يسمى الوقيد ويستورد من بلجيكا .
المرابيع وميعاد الرجال :
المربوعة هي مقر الرجل الليبي والغرفة الأكثر اضاءة في البيت والأكثر تزويقا بالآيات القرآنية ذات الإطارات وصور عنتر وعبلة وهى عادة الأكبر مساحة والأكثر زينة والأفضل بناء في البيت وتخص لجلوس الرجال فقط وتكون خارجية وتوجد في مدخل البيت الذى يعرف بالسقيفة ويجتمع فيها الرجال بعد الظهر (في المساء) لتبدأ جلسة الشاي المتواصلة حتى صلاة العشاء وقد تستأنف مع حلول الليل الى وقت متأخر ففي غرف الاستقبال أو « المرابيع « كما يسميها البعض يستطيع أن يحس الإنسان بالراحة التامة مع أصدقائه عند الجلوس على وسائدها المتناثرة على الأبسطة المصنوعة يدوياً حيث يشعر بالرغبة في الاسترخاء والتأمل هذا بالنسبة للنوع التقليدي منها أما الحديثة منها والتي توجد في كثير من البيوت الأن فتوجد فيها مقاعد عصرية تعرف (بالصالون) ولا يفضل الليبيون الجلوس فيها وقد يجلسون عليها قليلاً ولكنهم سرعان ما يهجرونها الى الجلوس على الأرض في الجلسة الليبية التقليدية وربما تفسر لنا هذه العادة ذلك الخروج أو الهجرة في نهاية كل أسبوع من المدن الى القرى في الجبل أو الريف أو الصحراء بحثاً عن الأرض الحقيقية واقتراباً من جانب عميق الجذور في نفوس الليبيين.
وقديماً كان للسكر والشاي مكانة خاصة و قيمة لذلك فإن الليبي يمكنه أن يودع عند زوجته نقوده وأشياءه الثمينة ولكن مفتاح صندوق الشاي والسكر المربوط في سير من الجلد المعلق في رقبته لا يأتمن عليه أحد لأن أعداء السكر والشاي في البيت كثيرون.
السهر في ليالي الشتاء صحبة عالة الشاي وكانون الفحم :
يعتبر كانون النار وعالة الشاي من أعز الأصدقاء في ليالي الشتاء الباردة في بيوت طرابلس ومن أهم فوائد عالة الشاي في الدار الليبية في الليالي الباردة هو تكيف الجوء للعائلة وخاصة الأطفال الصغار حيث عند دخولك إلى الحجرة تجد الزوجة جالسة مع عالة الشاهي والى جانبها يجلس رب الأسرة بالقرب من الموقد الذى وضع عليه براد الشاهي وهو يغلي وبعد التدفئة وشرب الشاهي يتهيأ الأب ويبدأ سهرته مع أطفاله الصغار وذلك بعد تناوله طاسة الشاهي الأولى والتي يحرص أن تكون في المستوى الطيب أي ساخنة وداكنة ومرة لكى تعطيه مزاجا رائقا تتيح له المضي في سهرة طويلة مليئة بالحكايات الممتعة ومن هنا تنطلق الأصوات مقهقهه عبر أرجاء الحجرة الدافئة التي تفوح منها رائحة الشاهي الذى يغلى بداخل البراد المهيأ للطاسة الثانية ثم الثالثة وعند الثالثة وهي الأخيرة حيث يقترب الوقت من نهاية هذه السهرة التي تختم عادة بوضع بعض البخور في النار لطرد الأرواح الشريرة و بحكاية طويلة عن محمد ولد السلطان أو قصة الغيلان التي كانت تسكن الجبل وأبادها ماس بيدت وعند بلوغ هذه الفترة تكون كل العائلة قد بلغ بها السهر منتهاه بعدها يستسلم الأطفال للنوم الذي يداعب جوفنهم ويذهب كل منهم الى مكانه الخاص به.
بعض استعمالات الشاي في الطب :
تستعمل عشبة الشاي في علاج الشخص الذي تعرض إلى لدغ بعض الحشرات السامة مثل الأفعى وذلك بإعطائه شراب الشاي الساخن المحلى بالسكر تم بعد ذلك يهدى من روعه ويؤخذ الى المستشفى ومعه جثة الافعى – أن أمكن ذلك – كي يستطيع الطبيب معرفة نوع السم ويستعمل كذلك في علاج الهالات السوداء حول العين التي تظهر نتيجة لسوء التغذية أو حساسية جلدية ولعلاج هذه الظاهرة تستخدم كمادات شاي دافي لمدة عشر دقائق تم كمادات شاي باردة لمدة خمس دقائق قبل النوم يومياً.
استعمالات الشاي عند الطوارق :
يعتبر الطوارق من الشعوب المستهلكة للشاي شأنهم شأن كل سكان الشمال الأفريقي وهناك عادة متبعة عندهم وهي عندما يحضر العريس المهر يجب عليه أيضاً أن يحضر معه أشياء مصاحبة للمهر تسمى (تيوسِي) تتمثل في كمية من الشاي والسكر وبعض العطور التي تسمى عندهم (أضوتن) وكمية من التبغ ورداء لأم العروس يسمى ( تسيغناس) وعدد من الأحذية المتنوعة ويستعمل الطوارق الشاي لعلاج بعض الأمراض مثل أمراض الحنجرة واللوزتين وذلك بطهى الحليب مع الشاي والسكر تم يبرد المخلوط ويسقى للمريض ويستعملونه كذلك لعلاج نهشة الأفعى وذلك بأن يسقى الملدوغ كثيراً من الحليب الساخن والشاي ثم مرق اللحم حتى يتقيأ الملسوع أما لسعة العقرب عندهم تعالج بإعطاء الملسوع الشاي الساخن أما انتفاخ البطن يعالج بسقى المريض الشاي الأخضر بدون سكر .
للشاي في التقاليد الليبية خصوصية
خصائص تقاليد الشاي الليبي :
1– طريقة الجلوس عند إعداد الشاي :
طريقة الجلوس الشائعة في أغلب مجالس الشاي عند النساء والرجال هي التربيعة وهى تشبه طريقتهم في الجلوس اثناء الأكل وتتمثل في وضع المقعد والقدمين على الأرض كل ركبة على جانب وتعتبر هذه الطريقة من أحسن الطرق التى يجد
فيها الليبي راحته عند طبخ الشاي حيث يتم الجلوس فوق وسائد خاصة تسمى المنادير وفي هذه الحالة لابد من وجود عالة وجماعة من الناس ليتم الانسجام التام والتسلية.
2 – عملية تكرار طبخ الشاي ثلاثة مرات في اليوم :
من التقاليد الليبية السائدة إعداد الشاي ثلاثة مرات في اليوم ولكن تقاليد الضيافة تفرض نصب عالة الشاي كلما قدم ضيف بدون نقاش وفي كل مرة من تلك المرات تطبخ ثلاثة طاسات متوالية صغيرة الحجم ويقدم الشاي لثلاث مرات في الجلسة الواحدة وتستغرق عملية إعداده حوالى ساعة ونصف الساعة.
3 – الطاسة الأخيرة باللوز أوالكاكاوية:
أن عادة وضع المكسرات في الشاي لم أجدها إلا عند الليبيين حيث في كل مرة يطبخ فيها الشاي تكون الطاسة الثالثة (الأخيرة) مختلفة عن الأخريات بإضافة الكاكاوية أو اللوز اليها بعد عملية التقشير والتحميس على النار ويفضل أغلب كبار السن شرب الشاي بهذه الطريقة على الرغم من عدم وجود أسنان لديهم لذلك نجد إلى جانب العالة المهراس في بعض الأحيان لكي يسهل العملية.
4 – تخديم الشاهي وعمل الكشكوشة!! :
كلمة (تخديم) مصطلح في اللغة الدارجة ويعني عملية نقل الشاي من البراد إلى اللقامة بالتناوب عدة مرات متتالية لقصد التبريد أو عمل الكشكوشة (الرغوة) ولا توجد هذه العادة عند بقية الشعوب ولم أجد لها تفسير مع أن تم فيها نقاش كبير لمعرفة سبب ذلك وإضافة إلى ذلك لاحظت أن معظم الناس في ليبيا يفضلون إضافة الأعشاب العطرية إلى الشاي والتي من أشهرها النعناع والمينته والعطر والقرفة والقرنفل والكليل والزعتر وهناك بعض الأعشاب الأخرى التي تضاف لقصد العلاج من بعض الأمراض.
5 – الكانون المصاحب للعالة:
يستعمل الكانون لطبخ الشاي ويفضل كبار السن شاي الفحم عن شاي الغاز ومن أحسن أنواع الفحم لطبخ الشاي فحم الزيتون وهناك من يضاف الى الفحم عيدان بعض الأعشاب البرية مثل عيدان الشعال التي توضع في أعلى فحم الكانون لتعطي نكهة ورائحة عطرية وبعد طبخ الشاي يستعمل الكانون في تدفئة المكان وخاصة في ليالي الشتاء الباردة وعندما تهمد النار يوضع البخور في النهاية لتعطير المكان.
مصير عالة الشاي في الوقت الحاضر :
والآن وبعد كل هذا الاحتفاء والهالة الزخرفية التي أحاطت بمشروب دخل ليبيا منذ مائتي عام فقط ، وبعد أن نال شعبية لا حدود لها وأصبحت تقاليد شرابه جزء من ملامح الثقافة الليبية وتسابقت النساء الليبيات على تزيين أدواته وزخرفت أغطيتها بأيديهن في بداية الأمر ثم أشترين الاغطية البلاستيكية التي أنتجتها مصانع (لداين ليبيا) ، ثم أوصلن طقوس الاعتزاز والتقديس لدرجة غسل أدواتها بالصابون والوراكينة (البوتاس) بعد تقديم كل دور، وذلك يتكرر ثلاث مرات.
وبعد كل ذلك .. ما الذي حصل لعالة الشاهي الليبية ؟
لقد انقرضت عالة الشاهي من طرابلس منذ عشر سنوات أو أكثر تقريبا ولعل نفس الشيء قد حصل في بعض المدن الليبية الأخرى. و تركت العالة مكانها في الجلسات الليبية اليومية في الوقت الحاضر في أغلب البيوت حتى في ارياف وبقى استعمالها محدود في المناسبات أو بيوت العجائز المتقدمات في السن وحل مؤخراً محل العالة براد وأحد فقط يطبخ في المطبخ تم يقدم مع مجموعة من الأكواب الحديثة في سفرة ويقدم هذا البراد مع طاساته أثناء تناول طعام الفطور أو بعد الغذاء أوفي المساء أو عند قدوم ضيف وأن مصير هذه الأداة في المستقبل هو الزوال نهائياً والخروج من البيت الليبي بدون طرد شأنها شأن كل أدوات المطبخ القديمة التي لا مكان لها في المطبخ الآن ما عدا بعض صورها في أرشيف توثيق المقتنيات التقليدية أو عرضها في المعارض الخاصة بالتظاهرات الثقافية، وإنه من الغريب حقاً أن يتم التخلي عن العالة بعد ذلك الاهتمام الخاص الذي كانت تحظى به كل تلك السنيين الماضية من قبل ربة البيت.