عندما نريد ان نناقش أزمات الحركة الفنية ومشاكلها علينا أن نناقشها بإسهاب ومن كل جوانبها وبكل ابعادها وما تحتويه من مفهوم كبير وان نحاول أن نبدأ مناقشاتنا وبحتنا أولا بأول بمعنى ان نسير معها بالتدريج رويدا.. رويدا ونضعها على طاولة البحث عن الحلول حتى نوضح لكل مهتم بالحركة الفنية الى أي مدى وصلت اليه والأسباب المباشرة والغير مباشرة التي أدت الى ركودها بشكلها الحالي وأن هذه الازمات والمشاكل ليست وليدة اللحظة بل هي نتاج لتراكمات سنوات سابقة ونحن نجزم ونعرف ان المشاكل العديدة التي تواجه الفنان الليبي في وقتنا الحاضر هي التي فرضت عليه ان يسلك طرقا أبعدته شيئا فشيئا عن ميدان رسالته السامية لدرجة اصبح من العسير عليه مواصلة السير والكفاح من اجل خلق حركة فنية كبرى عميقة الجذور وذات قاعدة متينة وأصيلة في بلادنا .. لذلك تذبذبت الحركة الفنية حتى غدت تقف يوما وتتوارى شهورا بل سنوات تم ان جل ما يقدم من مجهود غير ناضج اذ انه يتسم في كثير من الأحيان بالعفوية والارتجالية المفرطة ونحن بهذا لا ننكر ابدا على الفنان الليبي ونقول ان جل ما قدمه كان عملا غير ناضج فالحقيقة تفرض علينا ان نقدر كل المجهودات والأعمال الفنية الرائعة التي قدمها الفنان الليبي في فترات متفاوتة من الزمن رغم كل الصعوبات والظروف وقلة الإمكانيات .. اعيد وأكرر أن الحركة الفنية بحاجة لدراسة وافية شاملة مع ضرورة توفر الحلول والإمكانيات وأولها بناء المسارح المتكاملة وقاعات العرض وغيرها .. وأنا أرى أن قضية المسرح من ابرز القضايا الشائكة للحركة الفنية في البلاد فالمسرح ( أبو الفنون ) وفي بلادنا لازال يعيش هذا ( الأب المسكين ) أزمات وراء أزمات ويفتقر افتقاراَ كلياَ الى عوامل فنية عديدة ضرورية وحيوية خصوصا خلال السنوات الماضية لدرجة بات من المستحيل على ما تبقى من جمهور المسرح ، هذا ان تبقى جمهور أصلا ان يشاهد أي مسرحية متكاملة الأركان طوال أشهر عديدة بل قد تمتد لسنوات والمتتبع للأسباب والمبررات التي أدت الى كل هذا يجدها عديدة وبدون حصر أولها ( الصراع السياسي الذي أثر بالسلب على كل مناحي الحياة ) تم عدم وجود المقرات والمسارح الحديثة المؤهلة خصوصا في العاصمة طرابلس ناهيك عن المشاكل الحياتية الخاصة التي تعصف بالفنانين وعدم الدعم المادي والمعنوي مع النقص الشديد للعنصر البشري المؤهل خصوصا النسائي منه .. كل هذه العوامل وغيرها شلت الحركة المسرحية وأجبرتها على التوقف أو كادت .. صحيح أن الحلول لا تأتي بين ليلة وضحها ونحن لا نملك لها المصباح السحري ولكن أذا ما أردنا لمسرحنا والحركة الفنية ككل النهوض من غفوتها الحالية فنحن قبل كل شيء يجب أن نوفر لكل الشرائح الفنية وبدون استثناء وإقصاء أو انحياز الدعم والنواقص والمتطلبات اللازمة للانطلاق والإبداع ولو بشكل تدريجي وعلى مراحل مع الاستمرارية وعدم التوقف وأن نفتح الآفاق أكثر لجميع المهتمين بهذه الحركة ولا يكفي ان نمد بعض الشرائح الفنية بين الحين والأخر بمبلغ محدود من المال ونطلب منهم بعد ذلك المحال والكمال ونزعم ونتغنى بأننا قد غيرنا الأحوال.