آخر العناوين
فنون شعبية

أيام الشتاء في الموروث الليبي

الليبيون كغيرهم من بقية البلدان العربية لديهم طقوس خاصة ونكهة يتلذذ بها البعض ولايحبها البعض الأخر وكغيرهم من المسلمين من شأنهم التوكل على الله في أعمالهم دائماً ويقرنون أعمالهم وأقوالهم بذكر الله والفأل الطيب وكره التشاؤم لأنهم يقصدون واحداً أحداً دائماً لا ينقطع فيه رجاؤهم وآمالهم ، لذلك لا يربطون هطول الغيث بالأنواء أو مراقبة النجم ولكنهم يعتبرونها دلالات من الله سبحانه وتعالي على جودة الأمطار وكذلك فائدة هذه الأمطار لزراعة الحبوب والآبار وكذلك الغابات والأشجار ومن أمثالهم العامية التي تؤكد ذلك قولهم ( اللي عند الله قريب ) وكذلك قولهم ( الطمع فيه والرجاء فيه ) وكذلك التعبير الشعبي ( أشبوب يا مطلوب ) في الوقت الذي يقسمون فيه العام إلى مسميات مع الاتفاق العربي والدولي حول الفصول إلا أنهم لديهم حسابات اكتسبوها بالخبرة والتجربة .

ومن أهم العلوم في العامية الليبية علم الأنواء والذي يعتبر لهم جانباً علمياً وعملياً ذو حاجة ماسة لارتباطهم بالحياة البدوية التي تعتمد على الأمطار والتنقل بين أماكن الكلأ والماء لذلك وجب عليهم إنشاء مراصد جوية تتابع حالة الطقس اليومي والفصلي والسنوي من خلال تجارب وعلامات النجم والرياح والحيوان ، إنها رحلة حياة امتدت عبر عصور من سنوات الظلام والعذاب عاشها أجدادنا ولكنهم صنعوا علماً ما يزال يُعمل به ويقارع وسائل الرصد والتقنية الحديثة ، كانوا يرحلون خلف سحابة حبلى بالماء يستطيعون وبتجربتهم تحديد مكان هطولها .. كما يستطيعون تقدير كميات الأمطار بها ولكن ما يلفت النظر قدرتهم على تحديد معالم الأمطار خلال السنة قبل قدوم فصل الشتاء وكذلك يستطيعون معرفة قدوم الرياح وذلك من خلال مراقبة الحيوانات من أغنام وإبل وغيرها كما يحددونها من حركة الطيور فمثلاً عندما ترقص وتلعب الماعز مع بعضها فإن ذلك يُشير إلى قدوم رياح وعندما تتناطح الضأن فإن ذلك يعني قدوم أمطار وهكذا لهم أساليبهم وكذلك خبراؤهم الذين يعلمون أسرار هذا العلم ولكم تقدير ذلك من خلال هذا السرد لعلم الأنواء خلال عام كامل :من حيث حساب الزمن

يقول بعض المختصين والباحثين أن أربعينية الشتاء أشد أيام الشتاء برودة ومن اسمها سنعرف أن مدتها 40 يوماً وقسمها أجدادنا قديماً إلى مسميات مختلفة حيث تبدأ يوم 25 ديسمبر من كل عام وتنتهي فى اليوم الثاني من شهر فبراير وتتميز هذه الليالي ببرودتها الشديدة نهاراً ومساءً، واستمرار هطول أمطارها إن أمطرت، وتشكل الندى فجراً، وخروج البخار من الفم، وسقوط أوراق الشجر وتنقسم إلى.. الليالي البيض مدتها 20 يوماً يشتد فيها البرد وتكثر فيها العواصف «وتحس فيها بدخول فصل الشتاء الذي يباغتك برده في العظام.

ويطلقون على الكوالح والطوالح الليالي البيض ويطلقون على الموالح والصوالح الليالي السود.

وتنقسم هذه الليالي إلى  الكوالح مدتها 10 أيام وتبدأ صباح يوم 25/ 12 وتنتهى يوم 3 / 1.. الطوالح مدتها 10 ايام وتبدأ من صباح يوم 4 / 1 وتنتهى مساء يوم 13 / 1..

الليالي السود عافانا الله وإياكم من الأيام السود وقد سميت بهذا الاسم نظراً لأنها عادة ما تكون ليالي جامدة شديدة البرودة يقترب فيها الناس من مواقد النار وأجهزة التدفئة، وبالرغم من قوة الاسم إلا أن الناس تفاءلوا بها خيراً ويردد كبار السن مطلع هذه الليالي (الليالي السود ايفتح فيها كل عود  حيث تأخذ كل المزروعات أشكالها وتبرز ورودها وزهورها خلال هذه الفترة لكي تواصل نموها بقية فصل الشتاء وتنقسم إلى :

الموالح ومدتها 10 أيام وتبدأ صباح يوم 14 / 1 وتنتهى مساء يوم 23 / 1.. الصوالح ومدتها 10 ايام وتبدأ صباح يوم 24 / 1 وتنتهى مساء يوم 2 / 2

وبذلك يكون مجموع ليالي الشتاء الباردة 40 ليلة، تليها عشر ليال يتقلب فيها الطقس فعادة تكون دافئة وعادة تكون باردة وتعرف هذه الليالي بإسم ” العزازة “، ثم تتبعها ثلاث ليال شديدة البرودة تبدأ صباح يوم 12 / 2 وتنتهي مساء يوم 14 / 2 وتعرف بإسم قرة العنز.

وفصل الربيع يبدأ يوم 28/ 2 وينتهي يوم 29/ 5 وتتخلله رياح الحسوم وهي سبع ليالٍ تبدأ يوم 10/ 3 وتنتهي يوم 17/ 3 ويسمونها بالمباركات من باب طيب الفأل وهي أيام تتداول فيها الرياح من جميع الاتجاهات وتؤثر في الحيوانات تأثيراً سلبياً ففي هذه الأيام تنقص وتضمر وكذلك الحليب لا يمكن أن يمخض لكونه لا يروب وإن  مخض فإن ما ينتج عنه من سمن لا يخلط مع السمن الآخر .

(شتاء منطقة فزان صاقعات النهار دافيات الليل)

فصل الشتاء ثلاثة اشهر .. 90 يوما .. كما بقية فصول السنة .. يبدأ يوم 28 نوفمبر من كل عام ، وينتهي يوم 27 فبراير .. وفي ذاكرة اهل فزان ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

– القسم الأول : قبل الليالي .. ومدتها ( 25 يوم ) …. تمتاز بطقس معتدل نهارا .. يميل إلى البرودة ليلا .

– القسم الثاني : الليالي .. ومدتها ( 40 يوم ) .. وتعد ذروة الصقيع خلال الفصل .. تبدأ بتاريخ 23 ديسمبر وتنتهي يوم 31 يناير … وتنقسم إلى قسمين … العشرون الأولى منها .. تسمى بالليالي البيض .. وهي شديدة البرودة نهارا ، واخف منها ليلا .. وفي الموروث الشعبي يقال عنها : (صاقعات النهار ودافيات الليل) .. يليها العشرون المسماة بالليالي السود أو الليالي السعود … يشتد خلالها الصقيع ليلا .. واقل حده نهارا .. (صاقعات الليل ودافيات النهار) .

– القسم الثالث : ما بعد الليالي .. ومدتها (25 يوم ) .. تبدأ من يوم 1 فبراير وتنتهي يوم 26 من نفس الشهر .. ويكون الطقس خلال هذه الفترة معتدلا نهارا يميل إلى البرودة ليلا .. فيما لا يعد يوم 27 فبراير ضمن هذا القسم .

يتخلل القسم الاخير ما يسمى ( قرة العنز ) … وهي ايام محدودة شديدة الصقيع .. تتراوح ما بين 3 إلى 7 أيام .. موعدها غير ثابت ، كما فترة بقائها .. وفي العموم .. مع أفول زمن القسم الأخير من الفصل .. يتبدد الصقيع ويعم الدفء ، لكنه ليس إرهاصة تبدل نهائي للطقس والمناخ ، ذلك ان “ قرة العنز “ تعد الأشد صقيعا وان قصرت مدتها .. وتشكل تلك الموجة الباردة الخاطفة خطرا على الحيوانات ، وكثيرا ما ينفق الماعز بوجه خاص لكونه حيوان نحيف يتأثر كثيرا بتطرف المناخ .. لذا تعارف الفلاحون ومربو الماشية على تسميته الفترة “ قرة العنز “ .. القاتلة لقطعان الماعز .. وفي الخرافة .. يقال الماعز يخشى فصل الشتاء .. وان معزاة خرجت تثغو وتمرح ساخرة من فصل الشتاء بعد خروجه ، وانها لم تنفق هي ولا صغارها .. فغضب الشتاء واستلف يوم من كل فصل .. يوم من الربيع .. ويوم من الخريف .. ويوم من الصيف .. ليعود خلال ثلاثة أيام قاسية ردا لاعتباره وانتقاما من المعزة الساخرة . وأتذكر ان جدي رحمه الله كان يكسو العنز الهزيلة من غنمه بغطاء (بطانية) بالية يقوم بخياطتها فوق جسدها خوفا عليها من الموت بردا.

 

للشعراء رائ في وصف الشتاء و الليالي في ليبيا فقد قيل فيها ..

عشرين قبل الليالي ليالي .. وعشرين هن الليالي .. وعشرين بعد الليالي ليالي وعشرين وتي اللوح المداري  ..

وهنا قسم الشاعر الليالي الى 80 يوم بدل ال 40 المشهورة ..

وهو وصف دقيق لحالة الشتاء والبرد فالبرد يبدأ قبل دخول الليالي ب 20 يوم وبعدها قلص الليالي من 40 الى 20 .. وبعدها وصف ان ما بعد الليالي هناك 20 يوم باردة تم يأتي ال 20 الأخيرة من الليالي وهي غالبا باردة بسبب نشاط الهواء ولابد من إشعال النيران للتدفئة في عبارة  ( وتي اللوح والمداري ).

0 0 أصوات
تقييم المقال
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
ردود مضمنة
عرض كل التعليقات

قد يعجبك أيضا

فنون شعبية

غناوي هلنا

  • 5 مايو، 2020
تعتبر أغنية العلم من أعرق الأغاني في ليبيا ومن أكثرها إنتشاراً وعلى الرغم من إختلاف في الأداء بين منطقة وأخرى
فنون شعبية

عيشة هلنا (1)

  • 8 أكتوبر، 2021
- الصناعات التقليدية متنوعة، وتنفذ بخامات مختلفة، وهي أشغال يدوية في مجملها مثل:
0
للتعليق على المقال.x
()
x